-->
مدونة الكتابة والإبداع والنقد مدونة الكتابة والإبداع والنقد

recent

الجديد

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

7 ـ شؤون وشجون "الصدق والصراحة"


7 ـ شؤون وشجون "الصدق والصراحة"


ـ 4 ـ 

وبعد: فقد سئل الحمار: لم لا تجتر؟ فأجاب: أكره مضغ الباطل!

ويبدو من رسالتك أن هذه الدابة أعقل منك، فهي لا تريد أن تكذب على نفسها وتتعب أضراسها في مضغ المستحيل! كما كذبت أنت على نفسك وكددت ذهنك الكليل في معالجة أمر ليس لك فيه قَبْلة ولا دَبْرة!

ورسالتك المضطربة تفيد أنك دخلت المعركة، وفي يدك سيف خشبي، ولما حمي الوطيس وجبهت بسيف مهند انخلع فؤادك وارتعدت فريصتك، فرأيت أن الثبات هو الموت الزؤام، والانكفاء هو الخزي والعار، فرمت النجاة في المراوغة الجوفاء والعناد الفارغ!

واعلم أن اللجاجة لا تبطل الحق ولا تحق الباطل، فلا تتشبث بها فتردى، إن رأيت أنك على الحق فجرعني مرارته، ولك أجر غير ممنون، وإلا فانجحر ملوما محسورا، والالتواء والسباب لن ينقذاك مما تورطت فيه، وإن زعمت أنك مجرور إليه جرا.

وأراني مضطرا للتعليق على رسالتك معتمدا على الله لتصحيح أغلاط وقعت فيها، وتبيين مفاهيم أنت في غفلة عنها.

أولا: ادعيت أني "تأهبت للبطش ودعوت للنزال" أين قرأت أو سمعت أني فعلت؟ ألست من هاجمني في عقر داري عدوانا وظلما؟ ولكني أصليتك نارا، وبؤت بما أخزاك وجللك بالعار والشنار، وعلى الباغي تدور الدوائر!

وقولك: "ويحفزك ما جبلت عليه من غرور وتزكية للنفس وامتلاء بالسخرية والاستخفاف بالناس" أراهن أن هذا منك إقعاء ونباح! وأتحداك أن تثبت ذلك بحجة غير داحضة، واضح أني قلمت أظافرك وأوقفتك عند حدك، فحاولت أن تصل إلى ما تبغي بالسباب والقذف!

وأما السخرية فهي من أساليب البلاغة، وليست محرمة إن صادفت موقعها، ألم تر إلى ربك كيف سخر من الطاغية بقوله الكريم: (ذق إنك أنت العزيز الكريم

وأما الاستخفاف بالناس فإني لم أستخف إلا بالأدعياء والمتعالمين مثلك.

ثانيا: لم ألوح بالضرب بالنعال إن عدت لحواري، ولكني صرحت بذلك إن عدت للافتراء والتلفيق، أما الحوار الهادف البناء فإني أرحب به، ولكنك لست من أربابه.

ثالثا: قلت: "نعتني فيما نعتني به بأنني فضولي" لم أنعتك أنا بل أنت الذي نعتت به نفسك في رسالتك السابقة إذ قلت: "....منشغلان فيما لا يعني" والانشغال بما لا يعني هو الفضول، فانتبه!

رابعا: قلت: "فذكرت أن فضولي يتمثل لك في مغامرتي بالكتابة إليك" لم أذكر ذلك، وإنما قلت: "فمن أجله ـ أي ما يتعلق بشيخك ـ ركبت مغامرة الكتابة إلي" فكن أمينا في النقل! وبهذا ترى أنك أسأت فهم ردي عليك ووهمت في حمل معناه على غير مفهومه استجابة لهواجسك الموسوسة!

أما ما ذكرت من لقائنا في "تمنار" من غمز ولمز وخبث وتعريض فالله يشهد أنه منك ظن سيء، وإن بعض الظن إثم، والكتاب عرضته على غيرك بنفس الطريقة، على أني عرفت من أفواه من عرفوك أنك رجل منفتح، غير متعلق بأوهام الزاوية.... بل تنتقدها! فما لي إذن وللتعريض والغمز!؟ ولكن رسالتك أثبتت أنك ضيق الأفق، متعصب تبطن غير ما تعلن، شأن المنافقين! وكل من اطلع على تلك الرسالة من معارفك يستغرب ويستهجن صدورها عنك.

خامسا: قلت "فكان فضولك هذا ـ ما دار بيني وبينه بتمنار ـ هو الدافع لي على أن راسلتك" هذا يناقض قولك في الرسالة السابقة: "ثم لما أعدت قراءته بعد حين للتأمل في الموضوع لا حظت، ومن باب إسداء النصيحة أفضي لك بما لاحظت وإن لم أحسب لا في العير ولا في النفير" والله يعلم أنك لم تكن صادقا في الأولى، كما يعلم أنك كاذب في الآخرة. إذا كنت كذوبا فكن ذكورا.

والدافع الحقيقي فصلته تفصيلا في المقال السابق الذي وزعته على الطلبة هنا وفي سوس كي يعلم القاصي والداني من الكذاب الأشر.

سادسا: قلت: "وبالمناسبة فإن عدم التجانس الحاصل بين الشكل والموضوع في كتابك الصدق جعل نقدك استحال قذفا في نظر الكثيرين من القراء، لذلك استهجنوه وتلقوه باستغراب واستنكار، ومن غربل الناس نخلوه".

حقا أنك أبو العجائب والغرائب! أين هؤلاء القراء المستهجنون النخالون؟ إن هم إلا في أحلامك! وقد مضى على صدور الكتاب أزيد من ثمانية أشهر، ولم أتلق رسالة واحدة تنتقد وتبرهن أنه مجرد قذف، إلا رسالتك الهشة التي ركزت فيها على ما كتبته عن المدارس والزوايا وهو لا يعدو ثلاث صفحات، والكتاب يقع في أزيد من مائتي صفحة! ولنفرض أن ما ذكرته فيها صحيح فلماذا صدفت عن المائتي صفحة؟ ألست متغرضا في رسالتك؟ على أني نقضتها فقرة فقرة كما يعرف الجميع، فلا قيمة لها.

والحق أن الاستهجان لم يصدر ـ شفهيا لا أقول كتابيا ـ إلا من العصابة التي تنتمي إليها أعني عبدة الزاوية.... وخدامها الآثمين. ودوافع الاستهجان والاستغراب معروفة سلفا!

أعتقد أنك حسبت نفسك في رسالتك السالفة طائرة مقنبلة ترسل الصواعق والنيران على أهدافها بدقة، ولكن تبين لكل قارئ أنك خنفساء اندفعت بغرور نحو السماء، فاصطدمت بجدار ردها إلى حجمها وإلى ما خلقت له أعني تكوين وتكوير مساكن صغارها من الروث والخثْي!

سابعا: قلت: "وأكتفي معك بهذا القدر إذ لا أريد أن أطيل في هذا الحوار السخيف البغيض الذي جررتني إليه بسفاهتك وطيشك".

والحق أن الذي جرنا إلى هذا الحوار السخيف البغيض ـ كما زعمت ـ هو سفاهتك وضلالتك وتعصبك، فأنت الذي قدت نفسك إلى مستنقعه، ولك فيه الخزي والعار إن شاء الله، فلا تتنصل منه بهذه السذاجة! وذلك بما قدمت يداك.

أما ما ترومه بعد من الحفاظ على أواصر الصداقة والمودة والاحترام التي تربطك بعائلتي منذ عهد طويل فاعلم يقينا أنك بطيشك وتعصبك فصمت تلك الأواصر وأسأت إليها، ألم تجعل شيخها شحاذا يتكفف الناس؟ فاقترفت في حقه إثما كبيرا! يسلم عليك من رمسه ويقول:

               وإذا أتتك مذمتي من ناقص***فهي الشهادة لي بأني كامل

وأما تهنئتك الساخرة لي فأرد عليها بقول الشاعر:

          إذا أنا لم أشكر على الخير أهله ** ولم أشتم الجبس اللئيم المذمما
          ففيم عرفت الخير والشر باسمه ** وشق لي الله المســــــامع والفما

وأختم رسالتي بما ختم به ابن أبي الثياب رسالته إلى ابن العميد: "والله لا حاق الشر إلا بأهله، ولا لصق العار إلا بكاسبه، ولا قيل في النذل الخسيس إلا دون ما يستحق، ذق عقق، فقد فاتك من سبق".

وإن عدتم عدنا

وحررت بمسجد بوكرم

22 صفر الخير 1424هـ

23 أبريل 2003 م

حاشية: ومن طريف ما حدثني به صاحب مكتبة بإنزكان في الصيف الماضي أن صاحب المتعة قال له: يجب عليك أن تمتنع عن بيع هذا الكتاب: الصدق والصراحة! فقلت له: أقترح عليه أن يشتري ما بقي عندي من النسخ وهي ستون نسخة، ثم ليحرقها!

عن الكاتب

قريشي عبد الرحمن

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

إحصاءات المدونة

زوار المدونة

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الكتابة والإبداع والنقد

2019